إهداء : إلى المنفي .. علّ رحلتنا هذه تنجح في اضفاء بعض الحياة للصورة الرمادية ...ولعروبة علّني اقنعها ان ما رأته شيء وعمان التي احب شيء اخر تماما
قبل البدء: حضرولي رجليكم لأنو الرحلة ع الاقدام نظرا لارتفاع سعر البنزين ونزول الاحوال المعيشية ، وتضامنا مع حالنا المشحرة ، ويفضل تلبسوا بوات ما بضمنلكم بجوز الرحلة تكون طويلة.
_
أحبُ عمّان ، المدينة التي شهدت صراخي الأول في وجه الحياة .. خطواتي الأولى ، كلماتي الأولى .. كل ندى البدايات كان في عمّان ..
أحبها وسأظل أحبها ، ولكنني حين أغيب وأعود اليها أشتم رائحة الغياب ، رائحة الموت .. موت الاماكن أصعب من موت الاشخاص ، فالشخص يموت حاملا ذكرياته ، والمكان يموت حاملا ذكريات الكثيرين .
أعود فيعود السؤال حادا : أهذه عمان ؟.. بتروا سيقانها وركبوا لها سيقان "مودرن " .. أتحسر وألعن ما آلت أليه المدينة .. مجرد مول كبير .
وكي لا تلفني الغربة بعباءة من رماد اشد رحالي وامشي بخطى حثيثة للزوايا التي لم تذو بعد .
_
وسط البلد:
قد يكرهه الكثيرون ولكني احبه .. للاشياء ذاتها التي يكرهونها لأجله : مكان شعبي ، مزدحم ، مليء بالاكشاك ، بيوته ذات شرفات ضيقة ما تزال الكثير منها تحتفظ بالقواوير المزروعة مما يضفي مسحة من الخضرة على المكان .. وسط البلد مكان المفضل الذي يضم بداخله الكثير من الزاويا التي احبها وتأوي غربتي .
تخيلوا معي فنجان قهوة ( او شاي مشان المنفي) على هالبلكونة بساعة صبح مع اغنية فيروزية
_
سوق البخاري:
يختبئ في مدخل جانبي في وسط البلد ، هو أقدم اسواق عمّان وليس هذا ما يجعلني أحبه واداوم على جعله محطة رئيسة في رحلتي السنوية انما مئات التفاصيل الموجودة في دكاكينه الصغيرة باصحابها الذين توقف عندهم الزمن .
حنظلة يبتسم لاثنين يعرفان نفسيهما جيدا ..
أبو علي وكشكه :
يا الهي ، كيف يمكنني ان اصف هذا الشخص .. متواضع لابعد الحدود ، مثقف ، عصامي ، ومتفائل حتى النهاية ، مبتسم دوما ، وذا روح طيبة وعينان مشعتان .. يعرف كيف يميز بين الاشخاص وينتقي لك الكتب التي تحتاجها تماما دون الحاجة الى ان تخبره بها .
اكره العلاقات الموّرثة الا ان هذه بالذات اعشقها ،ربمّا لأني بدأت خاصتي وحدي دون توصيات عائلية ( كوني ابغض ان يحبني احدهم _ او يكرهني_ بناء على دم يجمعني باحدهم ) ، بدأت حكايتي من الصفر وبشكل شخصي ثم وصلتها بتاريخنا المشترك الطويل ، فلا عائلتي ولا ابو علي نفسه يذكر متى بدأت وبأي كتاب .. وكيف ومتى اصبح جزءا من حياتنا نتوارثه مع دمنا .. ما اعرفه اني منذ اصل عمّان حتى اختلق الف عذر لأذهب الى هناك وابدأ بألف حديث لا يعكر فرق العمر صفوها ولا تدفقها .. مما يصعب مهمتي الان بكتابة موجز عنه وسط ذلك التزاحم في الافكار والقصص والذكريات التي اود مشاركتكم اياها والتي سأضطر لتأجيلها لموضوع منفصل ربما .
ع فكرة كشك ابو علي برضو بوسط البلد
_
مطعم هاشم :
رغم اشتهاره كثيرا في الاونة الاخيرة وتحوله الى مقصد سياحي الا انه ما زال يحتفظ ببساطته الاولى كمطعم شعبي في مدخل فرعي ضيق في وسط البلد ..
تدخل الزقاق الضيق ، تجلس على طاولة بلاستكية عليها صحن بصل واخر للشطة وماء مسبقا يأتيك رجل اشيب طيب الملامح يسألك عمّا تريد ثم تبدأ الاشياء بالتدفق الى طاولتك من كل الجهات بسخاء وبعيدا عن الشكليات الكاذبة ، وان اردت المزيد من الفلافل مثلا ما عليك الا ان تنادي رجلا اخر ليزودك بما ترغب مباشرة من الوعاء الخاص به ، وساخنا كما تريد
يبدو وكأن الزمن توقف هنا ايضا ، فبالرغم من الغلاء المخيف في عمّان في الاونة الاخيرة الا ان هذه الزاوية بالذات تحتفظ بصداقتها لجيوب المواطنين .
طاولتنا وبالصورة ايد امي وايد خالتو .. مش عارفين يصبروا تا اصور هالصورة .. يلا معذورين طلعتهم "ع لحم بطنهم " من الصبح :D ولاحظولي صحن الشطة الي بطرف الصورة
_
محترف رمال :
بيتنا .. هكذا احس في هذه المدرسة القديمة التي اعيد ترميمها لتصبح مكان يتجمع فيه الكتابة مع الرسم والتصوير والموسيقى والفن التشكيلي والنحت ( والقهوة ) تحت النباتات المتسلقة والاشجار المنتشرة في المكان كما ينتشر صوت لينا شماميان وفيروز في الزاويا هناك .. الزاويا ذاتها التي تحتضن تفاصيل متنوعة تركها عابر من هناك على شكل تحفة فنية .
ملاحظة : طنشوا التواريخ لأنها غلط
_
المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة :-
بصراحة اول مرة اروح هناك .. بس الي جر رجلي معرض لوحات اسماعيل شموط وتمام الاكحل .. بس لأيش الحكي حلو المكان وحلو انك توقف قدام اللوحات مباشرة وتحس بكثافتها
وبرضو طنشوا التواريخ
_
المدرج الروماني وجبل القلعة :
صدق او لا تصدق في اثار في عمّان ما بيدأ اسمها بكلمة " مول " .. تخيلوا !
وانا بحبه هالمدرج لأنو فيه ريحة شبه مع مدرج سبسطية .. وكرمال عين تكرم مرج عيون
اما جبل القلعة سيبكو من القلعة نفسها ، ركزوا ع الجبل ..
هذا المنظر دائما بذكرني بقصيدة بحبها لمحمود درويش تبدأ هيك
" يطير الحمام ..
يحط الحمام
أعدي لي الأرض كي استريح
فأني أحبك حتى التعب..
"
وهاي القلعة ... برضو ما في قبلها كلمة " مول"
_
دارة قهوة الفاروقي:
مكاني المفضل لشرب القهوة .. احلى ما فيه ( اضافة لطعم القهوة الزاكي وريحة البن المعبية المكان والموسيقى الحقيقية ) هو انك اذا طلت دفترك وقعدت تكتب ما حدا بيتصفن فيك لأنوا كلهم قاعدين نفس القعدة .. ما بعرف كم رواية وكم كتاب وكم مقال انكتب هناك
_
مطعم القدس : طبيخ البيت ، وذكريات الطفولة ، هناك شي مألوف وطبيعي للغاية انك تقعد ع طاولة مع ناس تانين عمرك ما شفتهم بحياتك بسبب العجقة وازدحام المكان الدائم.. بالمناسبة القدرة الخليلية زاكية هناك
_
وثمة أماكن أخرى لم استطع زيارتها هذه السنة لعدة ظروف رغم أني احبها ايضا
مقهى جفرا ، مقهى عمون ،
دارة الفنون ، ومقر رابطة الكتاب الجديد و اماكن كثيرة اخرى سقطت سهوا من ذاكرتي المبلوة بي